التعليم عن بُعد: بين الفوائد والعيوب

التعليم عن بُعد: بين الفوائد والعيوب
التعليم عن بُعد
الكاتب: فريق التحرير
التاريخ: ديسمبر 9, 2023

في ظل التطور التكنولوجي السريع والتغيرات الكبيرة في عالم التعليم، أصبح التعليم عن بُعد أحد الخيارات المتاحة للطلاب والمتعلمين، حيث يثير هذا النوع من التعليم جدلاً كبيراً حول فوائده وعيوبه، فمن جهة يقدم التعليم عن بُعد مرونة كبيرة للطلاب في تحديد مواعيدهم وسرعة تقدمهم في المواد، كما يتيح لهم الوصول إلى مصادر تعليمية متنوعة من أي مكان في العالم، ومن جهة أخرى قد تظهر بعض الصعوبات في التفاعل المباشر مع المدرس والزملاء، وقد تكون هناك صعوبات في فهم المفاهيم بشكل كامل دون وجود إشراف مباشر، لذلك عزيزي القارئ إذا كنت مهتم بموضوع التعليم عن بُعد بين الفوائد والعيوب تابع معنا في هذا المقال.

فوائد التعليم عن بُعد:

تزايدت شهرة التعلّم عن بُعد بشكل واضح مع انتشار فيروس كورونا، وقد سجلت هذه الطريقة العديد من الفوائد الإيجابية، ومن بين أبرز فوائد التعليم عن بعد ما يلي:

المرونة في التعلّم:

تُعتبر المرونة في التعلّم أحد أهم فوائد التعليم عن بُعد، فهذه الطريقة تمنح الطلاب حرية اختيار الوقت والمكان ووسيلة التعلّم التي تناسبهم، وبالتالي يتاح للطلاب إمكانية اختيار الطريقة التي تتناسب مع احتياجاتهم، فعلى سبيل المثال، يمكن للطلاب استخدام تقنية المؤتمرات المرئية للتواصل المباشر مع المعلمين أثناء التعلّم عن بُعد، وبالنسبة لأولئك الذين يواجهون ارتباطات ومسؤوليات يمنعهم من التواصل المباشر، مثل الأشخاص الذين يعملون ويدرسون في نفس الوقت، فإن التعلّم عن بُعد يوفر لهم خيارات واسعة تتناسب مع جداولهم الزمنية وتلبي احتياجاتهم. فمع استمرار التقدم التكنولوجي وتوسع استخدام الإنترنت، يمكن توقع أن يستمر الاهتمام بالتعلّم عن بُعد، وزيادة اعتماده كوسيلة فعّالة وملائمة للتعليم في المستقبل.

توفير الوقت والجهد:

تعدّ وفرة الوقت والجهد من أهم الفوائد التي يوفرها التعلّم عن بُعد، حيث يتيح للطلاب والمعلمين توفير وقت وجهد كبيرين. فبفضل التعلّم عن بُعد، يتم إزالة ضغط الحضور في مواعيد محددة للمحاضرات، وتجنب التحمّلات المرتبطة بالتنقل ووسائل النقل المستخدمة للانتقال إلى الفصول الدراسية، بالإضافة إلى تفادي المشاكل المحتملة مثل ازدحام المرور. وبذلك، يتم تحقيق توفير فعّال للوقت والجهد للطلاب والمعلمين على حدّ سواء.

توفير المال:

يتيح التعلّم عن بُعد توفير الكثير من المال المرتبط بالتعليم العادي، إذ أصبحت الشهادات والدرجات الممنوحة عن طريق التعلّم عن بُعد مشهورة ومعترف بها، وهناك العديد من الجامعات المعتمدة والمتخصصة في هذا المجال. إذ تلك الجامعات قد تكون وفرت التكاليف المرتبطة بإنشاء بنية تحتية للجامعة التقليدية، وركزت بدلاً من ذلك على تقديم التعليم بشكل مباشر. وبالتالي، يتاح للطلاب الحصول على نفس البرامج الدراسية التي تتوفر في الجامعات التقليدية، ولكن بتكاليف أقل جذرياً.

على سبيل المثال: يمكن لطالب يعيش في الولايات المتحدة أن يحتاج إلى حوالي 22,000 دولار في السنة للحصول على شهادة البكالوريوس في الجامعة الحكومية، بينما قد تصل تكاليف الدراسة الدولية في نفس التخصص إلى 45,000 دولار في السنة.

ومن ناحية أخرى، يحتاج الطالب الذي يلتزم بنظام التعلّم عن بُعد في نفس الجامعة والتخصص إلى حوالي 50,000 دولار للدراسة على مدار الأربع سنوات الكاملة. بالإضافة إلى ذلك، يوفّر التعليم عن بُعد توفيراً ملحوظاً في نفقات الطلاب المتعلقة بالمواصلات، مثل صيانة السيارة، وتكاليف البنزين، وتذاكر الحافلة، وأيضاً توفيراً في تكاليف شراء الكتب والمواد الدراسية.

الحصول على المزيد من الفرص:

يفتح التعلّم عن بُعد آفاقاً واسعة للطلاب للاستفادة من المزيد من الفرص، إذ يتيح للطلاب الدراسة في جامعات مختلفة حول العالم دون الحاجة إلى السفر أو الحضور الجسدي في الحرم الجامعي. هذا يتيح للطلاب الاستفادة من الفرص التعليمية المتاحة في الجامعات الريادية التي قد تكون بعيدة المسافة وتكاليفها عالية وتتطلب تكاليف السكن وغيرها من المتطلبات المرتبطة بالحضور الشخصي في الجامعة.

بالإضافة إلى ذلك، يفتح التعلّم عن بُعد أبواباً جديدة للطلاب الذين يواجهون صعوبات في استكمال تعليمهم بسبب أسباب صحية أو التزامات خارجية أو الالتزامات الأسرية والأبوية وغيرها من الظروف. بفضل هذه التقنية، يمكن للطلاب تجاوز العوائق والحصول على فرص تعليمية متنوعة ومتميزة تتناسب مع احتياجاتهم وظروفهم الفردية.

كسب المزيد من المهارات التكنولوجية:

يتيح التعلم عن بُعد للطلاب فرصة لاكتساب مهارات تكنولوجية متقدمة، فعندما يلجأ الطلاب إلى طريقة التعليم عن بُعد، يتعلمون عبر استخدام التكنولوجيا في جميع جوانب تجربتهم التعليمية، حيث يكتسب الطلاب مهارات مثل البحث عبر الإنترنت، واستخدام برامج الحاسوب مثل Word وPowerPoint، والمشاركة في منتديات النقاش الإلكترونية، والتفاعل عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ومهارات الاتصال عبر البريد الإلكتروني، وإنتاج الفيديو، ونشر المحتوى على المواقع والمدونات.

إذ يوفر التعلم عن بُعد المهارات التكنولوجية اللازمة للطلاب، وهذا يعتبر أمراً حاسماً في سوق العمل المستقبلي. فمن المتوقع أن تتطلب جميع الوظائف في المستقبل إتقان المهارات التكنولوجية، ووفقاً لتقرير أمريكي نُشر في عام 2018، فإن ثلثي الوظائف التي تم إنشاؤها في الولايات المتحدة عام 2010 تتطلب مهارات تكنولوجية متوسطة إلى متقدمة، وهذا يشمل حوالي 13 مليون وظيفة.

بالتالي، يعد التعلم عن بُعد فرصة رائعة للطلاب لتعلم واكتساب المهارات التكنولوجية الحديثة التي ستساعدهم في تحقيق النجاح في سوق العمل المستقبلي المتطور.

عيوب التعليم عن بعد:

رغم الفوائد والمزايا التي يوفرها التعليم عن بُعد، إلا أن هناك عدة عيوب لهذه الطريقة، و نستعرضها لكم فيما يلي:

قلة التفاعل الاجتماعي:

في العملية التعليمية التقليدية، يتاح للطلاب فرصة التعارف والتفاعل مع زملائهم، حيث يجتمعون في مكان واحد ويتبادلون الخبرات والتجارب الشخصية، أما في عملية التعليم عن بُعد فتقتصر التفاعلات على وسائل التعليم الإلكترونية مثل لوحات المناقشة وغرف الدردشة والبريد الإلكتروني ومقاطع الفيديو، لكن هذه الوسائل لا تستبدل الاتصال الشخصي الحقيقي، مما يؤدي إلى ضعف مهارات التفاعل الاجتماعي لدى الطلاب.

انخفاض مستوى المهارات الشخصية:

نظراً لعدم وجود تفاعل مباشر بين الطلاب والمعلمين، يصعب عليهم بناء العلاقات الاجتماعية وينقص من مهاراتهم الشخصية اللازمة لتكوين تلك العلاقات، وفي الواقع قد بدأ بعض الطلاب يشعرون بالانعزال لأنهم ينهون أعمالهم الدراسية بمفردهم دون مشاركة أحد، ولا يشاركون في العمل الجماعي.

تشكيك صاحب العمل في مصداقية التعليم:

تثير عملية التعلم الاعتيادية.التي تتضمن التفاعل المباشر بين الطلاب والمعلم الوعي المستمر للطلاب بواجباتهم الدراسية ومواعيد الامتحانات. أما في عملية التعليم عن بُعد يكون الطالب هو الشخص الوحيد المسؤول عن متابعة الأعمال والواجبات الدراسية، وبالتالي فإن الطالب الذي لا يمتلك مهارات التركيز القوية أو لا يتمتع بدوافع شخصية قوية لإتمام العملية التعليمية بكفاءة، قد يثير تشكيك صاحب العمل في مصداقية الشهادة المكتسبة عن طريق التعلم عن بُعد.

حدوث مشاكل تتعلق بالإنترنت:

يعتمد التعلم عن بُعد على عدة عوامل أساسية، مثل وجود جهاز كمبيوتر واتصال مستقر بالإنترنت، وفي بعض الأحيان يتطلب وجود كاميرا أيضاً، إن اعتماد هذه الأدوات أمر حيوي في عملية التعلم عن بُعد، حيث يتم توصيل المعلومات من خلالها، وبدونها لا يمكن إكمال العملية التعليمية.

فعند حدوث عطل أو مشكلة في أحد هذه العوامل الأساسية، مثل انقطاع الاتصال بالإنترنت أو عطل في البرامج أو الأجهزة تتعطل العملية التعليمية بشكل كامل ويتعذر استكمالها، وبالتالي يُعتبر الاعتماد المفرط على التكنولوجيا في عملية التعلم عن بُعد عيباً رئيسياً.

تعقيد أسلوب التعلم عند البعض:

غالباً ما يواجه البعض صعوبات في استيعاب أسلوب التعلم عن بعد، ترتبط هذه الصعوبات بنقص في كفاءة أعضاء هيئة التدريس، وقد يجد بعض المدرسين صعوبة في التكيف مع استخدام التكنولوجيا الحديثة بشكل فعال، حتى لو كانوا مدرسين جيدين. بالإضافة إلى ذلك، قد يجد بعض الطلاب صعوبة في الفهم دون التفاعل المباشر مع المدرس، مما يجعل عملية التعلم عن بعد معقدة بالنسبة لهم.

توجد العديد من السلبيات التي يمكن أن تنتج عن التعلم عن بعد، بما في ذلك الشعور بالوحدة والانعزالية نتيجة لنقص التفاعل الاجتماعي، وتراجع المهارات الشخصية لدى الطلاب، بالإضافة إلى ذلك يمكن لأرباب العمل أن يشككوا في مصداقية الشهادات التي تحصل عليها من خلال التعلم عن بعد، ومع ذلك يجب علينا العمل على التغلب على هذه السلبيات ومحاولة حلها من أجل استمرارية العملية التعليمية.

مستقبل التعلم عن بعد:

مع تأثير جائحة كوفيد-19 على العالم وإغلاق العديد من المؤسسات التعليمية مثل المدارس والجامعات، يتوقع أن يكون للتعلم عن بعد دور أساسي في مستقبل عملية التعليم. تقريباً 150 دولة أغلقت مؤسساتها التعليمية خلال الجائحة، مما أثر على 80% من الطلاب حول العالم وأدى إلى انخفاض عدد الطلاب المسجلين في الجامعات.

ومن خلال التركيز على الإيجابيات والاستفادة من تعلم عن بعد، يمكن أن نجني ثمار هذه العملية رغم الصعوبات المتعددة التي تنطوي عليها، حيث يتجه العالم بشكل كبير نحو اعتماد التعلم عن بعد في المستقبل، بعد أن أثرت قرارات الإغلاق على الطلاب في جميع أنحاء العالم وأصبحت ضرورة لإكمال المسيرة التعليمية.

في النهاية، يمكن القول أن التعليم عن بُعد يأتي بالعديد من الفوائد مثل المرونة في الدراسة وتوفير الوقت والجهد، ولكنه أيضاً يحمل عيوباً مثل قلة التفاعل الاجتماعي وصعوبة التركيز في بعض الأحيان، لذلك من المهم أن نستفيد من مزايا التعليم عن بُعد وفتح آفاق جديدة للتعلم، وفي نفس الوقت نحافظ على التواصل الاجتماعي والتفاعل مع المجتمع التعليمي لضمان تجربة تعليمية شاملة.