تحاليل على كل رضيع القيام بها
الترحيب بطفل جديد في الحياة هو من أجمل اللحظات التي يحلم بها الوالدان، وفي هذه المرحلة الحرجة من عمر الطفل، يكون الاهتمام بصحته البدنية والعقلية والنفسية على قمة أولويات الأسرة. ولضمان النمو السليم للرضيع وتجنب أي مشكلات صحية قد تعترضه، تُعد التحاليل الطبية المنتظمة إحدى أهم الركائز الأساسية في برنامج المتابعة الشاملة لصحة الطفل. ومن خلال هذه التحاليل، يتمكن الأطباء من الكشف المبكر عن أي اضطرابات أو انحرافات عن المعدلات الطبيعية، ووضع الخطط العلاجية المناسبة في الوقت المناسب. وفي هذا المقال، سنتعرف على أهم التحاليل الطبية التي ينبغي إجراؤها على كل رضيع، والفوائد الصحية التي تعود على الطفل جراء هذه المتابعة الدورية، كما سنناقش الإرشادات والتوصيات التي ينبغي على الوالدين اتباعها لضمان سلامة ورفاهية طفلهم الصغير.
تحاليل على كل رضيع القيام بها:
يُعد إجراء التحاليل الضرورية على كل رضيع أمراً حيوياً لضمان صحته وسلامته، هذه التحاليل تساعد الأطباء على الكشف المبكر عن أي مشاكل صحية قد تؤثر على نمو الرضيع وتطوره، تشمل تحاليل على كل رضيع القيام بها، وفحوصات روتينية للكشف عن السمع والرؤية والعيوب الخلقية والاضطرابات الوراثية والمواد الكيميائية والهرمونية في الدم، نذكر منها ما يلي:
فحص السمع
تجرى فحوصات فقدان السمع لدى الأطفال حديثي الولادة باستخدام اختبارين مختلفين، تتم هذه الاختبارات بطريقة سريعة وآمنة ومريحة للطفل، غالباً خلال فترة تتراوح من 5 إلى 10 دقائق أثناء نوم الطفل، إذ يمكن إجراء اختبار واحد منهما أو كلاهما.
1- اختبار الانبعاث الصوتي (Otoacoustic Emissions): يقيس هذا الاختبار استجابة أجزاء معينة من الأذن للأصوات، حيث يتم وضع سماعة صغيرة وميكروفون في أذن الطفل، ثم تشغيل الأصوات، ففي حالة السمع الطبيعي، سينعكس صدى في قناة الأذن والذي يمكن قياسه بواسطة الميكروفون، أما في حالة وجود فقدان سمعي، فلن يتم اكتشاف أي صدى.
2- ختبار الاستجابة السمعية لجذع الدماغ (Auditory Brainstem Response): والذي يكشف عن استجابة المخ للأصوات، حيث يتم وضع سماعات صغيرة في أذن الطفل وتشغل الأصوات، بالإضافة إلى وضع أقطاب كهربائية على طول رأس الطفل الرضيع لاكتشاف استجابة المخ لهذه الأصوات، ففي حالة عدم استجابة الدماغ للأصوات بشكل متواصل، قد يكون هناك مشكلة في السمع عند الطفل حديث الولادة. ويقيم هذا الاختبار ما يلي:
- جذع الدماغ السمعي والذي يعتبر جزء من العصب ينقل الصوت من الأذن إلى الدماغ.
- بالإضافة إلى استجابة الدماغ للصوت.
قياس التأكسج النبضي
قياس التأكسج النبضي (Pulse Oximetry) هو فحص طبي غير باضع يستخدم لقياس مستوى الأكسجين الموجود في الدم، هذا الفحص أصبح شائعاً في فحوصات حديثي الولادة، حيث إن الأطفال الرضع المصابين بمشكلات في القلب قد يعانون من انخفاض مستويات الأكسجين في الدم، وبالتالي إجراء اختبار قياس التأكسج النبضي يساعد في تحديد الأطفال الرضع الذين قد يعانون من أمراض القلب الخلقية الحرجة. يتم إجراء اختبار قياس التأكسج النبضي عن طريق وضع جهاز استشعار غير مؤلم على جلد الطفل الرضيع، هذا الفحص سريع ويستغرق بضع دقائق فقط، ويتم إجراؤه بعد أن يبلغ حديث الولادة 24 ساعة من العمر.
اقرأ أيضًا:نصائح لعلاج حالات الخجل عند الأطفال
اختبار عينة دم
يتم إجراء اختبار عينة دم للرضع حديثي الولادة من خلال عدة خطوات، أولاً يتم أخذ عينة دم صغيرة من كعب الطفل بعد مرور أول 24 ساعة من الولادة، فهذا هو الوقت المفضل لإجراء الاختبار، أما إذا خرجت الأم والطفل حديث الولادة قبل انقضاء أول 24 ساعة، فيمكن أخذ العينة خلال هذه الفترة أيضاً، وفي هذه الحالة يوصى بأخذ عينة أخرى في غضون أسبوع إلى أسبوعين، وقد تقوم بعض الدول بإجراء هذا الفحص بشكل روتيني لجميع الأطفال الرضع. تحليل الدم لحديثي الولادة قد يكشف عن مجموعة متنوعة من الأمراض والمشكلات الصحية النادرة والخطيرة. هذه تشمل:
- مشكلات متعلقة بـ الهيموجلوبين، وهو البروتين الموجود في خلايا الدم الحمراء، ينقل الأكسجين في الجسم، أمثلة على ذلك فقر الدم المنجلي، و التلاسيميا بيتا.
- اضطرابات في عملية الأيض، وهي العملية الحيوية التي تحول الغذاء إلى طاقة، هذه الاضطرابات قد تحدث بسبب نقص الإنزيمات التي تساعد في عملية الأيض أو وجود خلل فيها، ومن أمثلتها بيلة الفينيل كيتون، داء بول شراب القيقب، فرط تيروزين الدم، وفرط سيترولين الدم.
- مشكلات متعلقة بالهرمونات، والتي قد تحدث نتيجة لخلل في إفراز الغدد الهرمونات بالمعدل الطبيعي، أمثلة على ذلك قصور الغدة الدرقية الخلقي وتضخم الغدة الكظرية الخلقي.
مشكلات أخرى مثل العوز المناعي المشترك الشديد، والتليف الكيسي، وضمور العضلات الشوكي، مرض تخزين الجليكوجين، نقص البيوتينيداز.
غالباً ما تكون نتائج فحوصات الدم للأطفال حديثي الولادة متاحة عندما يكون عمر الطفل الرضيع من 5 إلى 7 أيام، ففي كثير من الحالات، لا يتم التواصل مع الوالدين للإبلاغ عن النتائج الطبيعية، ويتم الاتصال بهم فقط في حال ظهور نتيجة إيجابية لأحد الاختبارات، مما قد يشير إلى وجود مشكلة طبية.
يجدر بالذكر أن النتيجة الإيجابية لأحد فحوصات حديثي الولادة لا تعني بالضرورة أن الطفل يعاني من مشكلة صحية، في هذه الحالات، يقوم الأطباء بطلب إجراء المزيد من الاختبارات والفحوصات لتأكيد أو استبعاد التشخيص.
في حال تأكيد التشخيص، قد يتم تحويل الطفل الرضيع إلى اختصاصي طبي لإجراء المزيد من الاختبارات وتقديم العلاج المناسب، ومن المهم أيضاً البدء في العلاج في أقرب وقت ممكن، والذي قد يشمل وصفة خاصة، نظام غذائي محدد، تناول مكملات غذائية، أدوية، أو مراقبة دقيقة للطفل.
فحص بدني
يتم إجراء فحص بدني دقيق للطفل حديث الولادة في غضون 72 ساعة من الولادة، هذا الفحص يشمل الكشف على عيني الطفل، قلبه، ووركه، وأيضاً الكشف على الخصيتين عند الذكور، يتم تكرار هذا الفحص مرة أخرى عندما يبلغ الطفل عمر 6 إلى 8 أسابيع، حيث قد تستغرق بعض الحالات بعض الوقت للظهور.
اقرأ أيضًا:أجمل الأدعية للعائلة
أهمية فحوصات حديثي الولادة
على الرغم من أن معظم الأطفال يولدون بصحة جيدة، إلا أن بعضهم قد يعانون من حالات طبية خطيرة منذ ولادتهم، ويمكن علاج هذه الحالات أو التقليل من مضاعفاتها إذا تم الكشف عنها في وقت مبكر، وهذه الحالات المرضية قد تحدث في أي عائلة حتى وإن لم يكن لديها تاريخ عائلي مرضي.
لذلك، ينصح بشدة بإجراء تحاليل على كل رضيع القيام بها عند ولادة، هذه الفحوصات تشمل مجموعة من الاختبارات والتحاليل الطبية التي تهدف إلى الكشف عن أي مشكلة صحية قد تؤثر على النمو الطبيعي للطفل، وعلى صحته على المدى البعيد، أو قد تؤثر على بقائه على قيد الحياة. من خلال الكشف والتشخيص المبكر واتخاذ الإجراءات اللازمة لحل المشكلة في مراحلها الأولى، يمكن الحد بشكل كبير من حالات الوفاة أو الإعاقة عند الأطفال، لذا تعد فحوصات حديثي الولادة ضرورة حيوية للرعاية الصحية المبكرة والوقاية من المضاعفات المحتملة.
اقرأ أيضًا:تحليل شخصيات الآخرين من خلال ألوانهم المفضلة
متى يتم إجراء فحوصات حديثي الولادة؟
إن فحوصات حديثي الولادة تتم عادةً خلال أول 24-48 ساعة بعد الولادة، وغالباً ما تكون هذه الفحوصات قبل خروج الطفل من المستشفى، هذا التوقيت الحرج يضمن اكتشاف أي مشكلات صحية محتملة في وقت مبكر جداً، مما يتيح البدء في العلاج أو الرعاية اللازمة دون تأخير. ومع ذلك، في حالات الولادة خارج المستشفى، يجب على الوالدين التأكد من إجراء هذه الفحوصات المهمة بالتنسيق مع طبيب العائلة أو الطبيب المسؤول عن متابعة صحة الطفل. فهذه الفحوصات تشكل حجر الزاوية في الرعاية الصحية المبكرة للطفل حديث الولادة، وهي ضرورية لضمان نموه وتطوره بشكل سليم.
بعد استعراض أبرز تحاليل على كل رضيع القيام بها، يتبين لنا جلياً أن هذه المتابعة الطبية الدورية تمثل استثماراً ثميناً في صحة الرضيع وتطوره السليم على المدى البعيد. فمن خلال الكشف المبكر عن أي مشكلات صحية أو اضطرابات نمائية، تتاح الفرصة للتدخل العلاجي السريع والفعال، والذي بدوره يضمن للطفل حياة أكثر صحة وسعادة. كما أن هذه التحاليل تساعد الأطباء على متابعة نمو الرضيع ورصد أي انحرافات قد تظهر، مما يمكّنهم من اتخاذ الإجراءات الوقائية المناسبة في الوقت المناسب. لذا، ينبغي على جميع الآباء والأمهات الالتزام بإجراء التحاليل الطبية المنتظمة لأطفالهم الرضع، فذلك هو الطريق الأمثل لضمان صحتهم وعافيتهم على المدى البعيد.