الدروس الخصوصية: إيجابياتها وسلبياتها

الدروس الخصوصية: إيجابياتها وسلبياتها
الدروس الخصوصية
الكاتب: فريق التحرير
التاريخ: نوفمبر 30, 2023

أصبحت الدروس الخصوصية أمراً شائعاً في الوقت الحالي، إذ أنه قبل بضعه سنوات فقط، انتشر مفهوم “المدرس الخصوصي” في المجال التعليمي والأسري، وقد أثار جدلاً كبيراً وتسبب في تقسيم الآراء بين المؤيدين والمعارضين وذلك لأسباب متنوعة، لكنه لم يستغرق وقتاً طويلاً حتى أصبح جزءاً من الواقع الاجتماعي والتعليمي، على الرغم من المزايا والعيوب التي يتضمنها. وفي هذا المقال، سنقوم بشرح مفهوم الدروس الخصوصية إيجابياتها وسلبياتها وتفسير أسباب انتشارها.

الدروس الخصوصية:

قبل أن نستكشف تفاصيل هذا المصطلح، دعونا نقدم تعريفاً شاملاً للدروس الخصوصية، إذ تعتبر الدروس الخصوصية حصصاً تعليمية يحصل عليها الطلاب في منازلهم، حيث يقوم معلموهم في المدرسة أو معلمون آخرون متخصصون في نفس المادة بشرح المنهاج الدراسي للطلاب بطريقة تتناسب مع قدراتهم واحتياجاتهم الفردية، ويتمكن المعلم في هذه الحالة من إعادة شرح المفاهيم والمواضيع للطلاب ومساعدتهم في فهمها وتعلمها وتنفيذ الواجبات المدرسية.

إذ تتفاوت طرق تنظيم الدروس الخصوصية، حيث يمكن للطلاب أن يحضروا الدروس بشكل فردي أو يشاركوا فيها مع عدد قليل من زملائهم المقربين، وعادةً ما تقام الدروس الخصوصية في منازل الطلاب، ولكنها قد تجري أيضاً في منزل المدرّس أو في مركز تعليمي خاص بهذا الغرض.

كما يجب أن نلاحظ أن الدروس الخصوصية مدفوعة الأجر وليست مجانية، ويمكن أن تكون أجورها مرتفعة إلى حد ما في بعض الحالات، وتعتمد قيمة الأجر على شهرة المعلم ونجاح الطلاب السابقين وتحسن أدائهم الدراسي والتقدم الذي يحققونه بفضل الدروس الخصوصية في تقييماتهم ودرجاتهم.

إيجابيات الدروس الخصوصية:

تمتاز الدروس الخصوصية بعدة إيجابيات للطلاب، سواء من النواحي النفسية أو التعليمية أو التربوية، وفيما يلي أهم إيجابيات الدروس الخصوصية المهمة:

  • رفع مستوى التحصيل العلمي: يهتم المعلم الخصوصي بتحليل ثغرات الطالب ونقاط ضعفه، ويعمل على تعزيزها وتقويتها، حيث يساعد ذلك الطالب على سد الثغرات وفهم المفاهيم بشكل شامل، وبالتالي يحصل على درجات عالية في الاختبارات والامتحانات.
  • توجيه الطالب نحو اختيار الفرع الجامعي المناسب: يمكن للمعلم الخصوصي اكتشاف ميول الطالب ونقاط قوته، وبناءً على ذلك يقترح عليه الفرع الجامعي الذي يتوافق مع اهتماماته وميوله، وقد يقدم المعلم أيضاً معلومات حول اختصاصات تعليمية مختلفة ويساعد الطالب في اتخاذ قرارات مدروسة بشأن مستقبله الأكاديمي.
  • تعزيز ثقة الطالب بنفسه: يعمل المعلم الخصوصي على تحفيز الطلاب وتشجيعهم لتحقيق أفضل النتائج، إذ يساعد الطالب على بناء الثقة بنفسه والتغلب على القلق والتوتر أثناء الاختبارات، ويساعده في تحقيق التقدم الشخصي والأكاديمي.
  • الدعم الشخصي: يوفر المعلم الخصوصي دعماً فردياً للطالب، حيث يساعده في فهم المفاهيم وحل المشكلات وتطوير مهاراته، حيث يشعر الطالب بالراحة والدعم، وهذا يساهم في تحسين تجربة التعلم الشخصي.
  • توسيع دائرة المعارف والعلاقات: قد يعرف الطلاب من خلال الدروس الخصوصية أشخاصاً جدداً ويقومون ببناء صداقات جديدة، حيث يمكن أن يتعرف الطالب على ثقافات وخلفيات مختلفة، مما يوسع آفاقه ويغني تجربته الاجتماعية.
  • تنويع التجربة التعليمية: يسمح نظام الدروس الخصوصية للطلاب بمغادرة روتينهم اليومي والتجربة التعليمية في بيئة جديدة، إذ يمكن للطلاب زيارة مكان المعلم الخصوصي أو مركز تعليمي آخر، مما يضيف تحفيز إضافي لعملية التعلم.
  • تعزيز الانضباط والتنظيم: يساعد المعلم الخصوصي الطلاب على تطوير مهارات الانضباط والتنظيم، إذ يعلمهم كيفية إدارة وقتهم بشكل فعال وتحديد أولوياتهم ووضع أهداف قابلة للقياس، كما يساعدهم في تطوير استراتيجيات فعالة للدراسة والمذاكرة والتحضير للامتحانات.
  • تعزيز التفاعل الشخصي: يمكن للمعلم الخصوصي التفاعل بشكل شخصي مع الطالب والتعرف على احتياجاته واهتماماته الفردية، إذ يمكنه تخصيص الدروس وفقاً لمستوى الطالب وطريقة تعلمه الخاصة، ويتمكن المعلم من توفير تعليم مخصص وفعال يلبي احتياجات الطالب بشكل أفضل.

سلبيات الدروس الخصوصية:

على الرغم من الفوائد التي يدعيها المؤيدون للدروس الخصوصية، إلا أن لها العديد من السلبيات التي تعتبر تحديات تعوق انتشارها، ومن بين هذه السلبيات نذكر:

  • تنمية روح الاعتمادية: تعوق الدروس الخصوصية قدرة الطلاب على البحث والاستقصاء حول المعلومة وفهمها، حيث يلقون على المدرس الخصوصي مسؤولية توفير المعلومات بدلاً من بذل جهودهم الخاصة في البحث عنها.
  • العبء المادي: تتسبب الدروس الخصوصية في تحميل الأسر ذات الدخل المتوسط والمنخفض عبء مالي كبير، حيث تكون تكاليف تلك الدروس باهظة، خاصةً إذا احتاج الطالب إلى مدرس خصوصي في مواد متعددة.
  • تأثير على تنظيم الوقت: تسبب الدروس الخصوصية خللاً في ترتيب أولويات الطلاب وتنظيم وقتهم، حيث يجدون أنفسهم مضطرين للتعامل مع الدوام المدرسي والواجبات المنزلية والمشاريع وحضور الدروس الخصوصية، مما يزيد الضغط عليهم لمواجهة تلك المهام.
  • انعدام الانتباه في الصف: يعتمد الطلاب على الشرح الذي يقدمه المدرس الخصوصي، مما يؤدي إلى عدم الانتباه للمعلم أثناء شرح الدروس في الصف، وبعض الطلاب أيضاً يشوشون على زملائهم في الصف ويضيعون وقتهم.
  • تراخي الأساتذة في الصف: يعتقد بعض الأساتذة أن الطلاب غير مهتمين بالدروس في الصف وسيعتمدون على المدرس الخصوصي لإعادة شرح الدروس، مما يؤدي إلى تقديم شرح ضعيف في الصف.
  • تشجيع الغياب عن الدوام المدرسي: يشعر الطلاب بعدم الحاجة لحضور الدروس في الصف بسبب وجود المدرس الخصوصي، مما يؤدي إلى تشجيعهم على الغياب وتفقد الفاقد التعليمي.
  • تحمل مسؤوليات كبيرة على المدرسين الخصوصيين: يجد المدرس الخصوصي نفسه محملاً بمسؤوليات كثيرة قد تتجاوز قدرته على التحمل، حيث يعمل على مدار اليوم وتتأثر بذلك صحته النفسية والجسدية.

أسباب انتشار الدروس الخصوصية:

هناك عدة أسباب تسهم في انتشار الدروس الخصوصية وشيوعها بين الطلاب والمدرسين والأسر، ومن بين هذه الأسباب:

  • ضيق وقت الحصة الدرسيّة مقارنة بالوقت اللازم لاستيعاب المنهاج الدراسي، وعدم توفر وقت كافٍ للشرح والإجابة على تساؤلات الطلاب.
  • زيادة عدد الطلاب في الصف الدراسي وصعوبة تلبية الاحتياجات الفردية للطلاب، مثل طرق الفهم المختلفة ووتيرة الاستيعاب.
  • تحوّل الدروس الخصوصية إلى موضة ووسيلة للتفاخر وإبراز التفوق بين الطلاب وأسرهم.
  • ضعف الدخل الذي يحصل عليه المعلمون من النظام التعليمي الرسمي مقارنة بتكاليف الدروس الخصوصية المرتفعة.
  • ارتفاع التوقعات والاستحقاقات لدى بعض المعلمين الذين يرون أن وقتهم وجهدهم الذي يبذلونه في الصف أكثر قيمة من الأجر البسيط الذي يتقاضونه.
  • قلة الانتباه والاهتمام من قبل الطلاب في الصف الدراسي، حيث يعتمدون على المدرس الخصوصي لإعادة شرح المعلومات التي قدمها المعلم لهم.
  • انخفاض الالتزام من قبل بعض المعلمين في تقديم المعلومات بشكل مفصل ومتميز للطلاب، نظراً لقلة اهتمام الطلاب واعتمادهم على الدروس الخصوصية، سواء من المعلم نفسه أو من معلمين آخرين.
  • تعود الطلاب على نمط التلقين وعدم تحمل مسؤولية استيعاب المعلومات، فضلاً عن تجاهل بعض الواجبات الأخرى، والاعتماد على وجود شخص آخر يقوم بتلك المهام عنهم.
  • كثافة المناهج الدراسية وضخامة المقررات تجعل من الصعب إنهاء المنهاج خلال الحصص الدراسية المدرسية بمفردها، وهذا يؤثر سلباً على إعطاء المعلومات بشكل واضح وقابل للاستيعاب من قبل الطلاب، إذا ما تحتَّم إنهاء المقرر والمنهاج في الحصص الدراسية، فسيتم ذلك على حساب استيعاب التلاميذ.
  • تقصير الأهل في متابعة أبنائهم دراسيًا يعود إلى انشغالهم في أمور الحياة أو عدم اطلاعهم العلمي الكافي لمساعدتهم في هذا الدور، وبالتالي يلجأ الأهل إلى توظيف مدرسين خصوصيين لمساعدة أبنائهم في الدراسة وتخفيف المسؤولية عن أنفسهم.
  • الروح التنافسية العالية التي تنشأ بين الطلاب المتفوقين، ورغبتهم في تحقيق النجاح والتفوق، هذا يدفع الطلاب للسعي وراء جميع فرص الاستفادة والتحصيل العلمي.
  • رغبة الطلاب في تعزيز مستواهم العلمي والحصول على العلامات التي تؤهلهم للالتحاق بالتخصصات الدراسية التي يحلمون بها.

تعد الدروس الخصوصية سلاحاً ذا حدين، إذ يمكن أن تكون مفيدة ومجدية عند استخدامها لسد ثغرات الفهم لدى الطلاب وتوضيح النقاط التي قد تبقى غامضة بعد شرح المعلم في الصف، ومع ذلك يجب أن يتم استخدامها بحذر، حيث يمكن أن تكون مدمرة إذا تم الاعتماد عليها بشكل يجعل الطلاب يعتمدون على الحصول على المعلومات الجاهزة ويفقدون حافزهم للبحث عن المعرفة والاعتماد على أنفسهم في حل الواجبات والمذاكرة. لذا، يمكن القول أن تشبيه الدروس الخصوصية بالدواء هو تشبيه موضوعي، حيث يمكن أن تكون جرعة مناسبة منها مفيدة وتحل المشكلة، في حين يمكن أن تكون جرعة زائدة لها تسبب مشاكل وتأثيرات سلبية.