التعامل مع الأطفال في الحروب والصراعات
التعامل مع الأطفال في ظل الحروب والصراعات هو أمر صعب ويحتاج إلى البحث عن الطريقة الصحيحة والمثالية في مساعدة الطفل للتغلب على الذعر والخوف الذي تخلفه هذه الحروب وما تتركه من آثار نفسية سيئة، حيث أن أصوات القصف والهجوم المفاجئ والكوارث والنكبات المنتشرة في وقتنا الحالي تحتاج إلى طرق خاصة في التعامل مع الأطفال وتحسين حالتهم النفسية.
لذا سنوضح في هذا المقال أهم النقاط التي يجب التركيز عليها من أجل التعامل الصحيح مع الطفل، مع ذكر أهم الآثار السلبية التي تخلفها الحروب على الصحة النفسية للطفل، وطريقة مساعدة الطفل لتجاوز هذه الآثار والتخفيف منها.
التعامل مع الأطفال في ظل الحروب والصراعات:
تشكل الحروب والنكبات مشكلة كبيرة لدى الطفل وعبء يفوق قدرته على الصبر والتحمل، حيث تظهر عليه بشكل واضح ملامح المعاناة والتعب النفسي، ولهذا تجد الطفل أكثر انفعال وتصرفاته مختلفة نتيجة الضغط النفسي والصعوبات التي يمر بها، ولكن التعامل مع الأطفال في ظل الحروب والصراعات بشكل صحيح ومناسب لكل فئة عمرية يساعد بشكل كبير في تجاوز هذه المشكلة وتخفيف الاضطراب النفسي قدر الإمكان، وهنا نذكر أهم النصائح والإرشادات للتعامل الصحيح مع الطفل:
- يجب محاولة توضيح معنى الحرب للطفل وشرحه بشكل بسيط يناسب فئته العمرية، مع التركيز على ضرورة الكلام بصدق تام.
- كما العمل على طمأنة الطفل بشكل مستمر واحتوائه قدر المستطاع، وتذكيره بشكل متكرر بأن خوفه وقلقه أمر عادي وطبيعي، ولا تنسى إخباره بكمية حبك له فهذا يشعره بالراحة والأمان.
- فتح مجال للطفل بالتكلم عن الأمور التي تضايقه والأفكار التي تدور في رأسه، مع الحرص على عدم مقاطعته إطلاقاً والإجابة عن جميع تساؤلاته بشكل واضح وبسيط بدون أي كذب وانفعال.
- بالإضافة إلى السعي لقضاء وقت ممتع مع الطفل وممارسة الأنشطة المسلية بهدف تشتيت تفكيرهم بالواقع الصعب والحرب والخوف.
- والحرص على إبعاد الطفل عن الأخبار قدر الإمكان وحجب فيديوهات القتل والحزن عنه، بالإضافة إلى الأخبار السلبية التي تترك أثر واضح على نفسية الطفل وتشعره بالخوف والذعر.
- كذلك مشاركة الطفل في أنشطة مختلفة روتينية حتى ولو كانت من ضمن أعمال المنزل بشكل يناسب فئته العمرية ويساعده على نسيان مشاكل الحروب والصراعات.
كيف تؤثر الحروب في الطفل نفسياً؟
تترك الحروب والصراعات آثار سلبية تظهر بشكل واضح على حالته النفسية وطريقة تعامله مع الآخرين، وهذا موضوع يستحق الوقوف عنده والسعي بجهد لتجاوزه وتخفيف الصراع والخوف الذي يعيشه الطفل، وذلك يتم بشكل مختصر من خلال التعامل مع الأطفال في ظل الحروب والصراعات بشكل صحيح وغمرهم بالحب والحنان ليتولد شعور الأمان والاستقرار لديهم، ومن أهم العلامات التي تظهر على الطفل عند تأثره بشكل كبير بالحروب والنكبات:
- القلق والخوف من فقدان أحد من عائلته و الأشخاص المقربين منه.
- اضطرابات في النوم ورؤية الأحلام المزعجة والكوابيس نتيجة الصور والمشاهد المؤلمة المخزنة في عقلهم الباطني.
- شعور الطفل بالحزن الشديد والألم والذي قد يوصله إلى مرحلة الاكتئاب.
- كما يصبح الطفل شديد الانفعال والغضب وقد يتصرف بعدوانية وبدون تفكير، وذلك من أجل تفريغ القلق والخوف الداخلي الذي يعيشه والألم من الحرب.
نصائح لمساعدة الطفل على التخلص من الآثار النفسية للحروب:
يحتاج التعامل مع الأطفال في ظل الحروب والصراعات إلى طريقة خاصة لتجاوز الآثار النفسية التي تتركها والعودة لحالة الاستقرار النفسي قدر الإمكان، ومن ضمن الخطوات التي يجب التركيز عليها خلال هذه الفترة نذكر:
- منح الطفل فرصة بالبكاء والحزن والحداد على من فقدهم في الحرب وعدم منعه من ذلك، حيث يساعد البكاء بشكل كبير في تهدئة الطفل وتجاوز الآثار السلبية التي تتركها الحروب على مشاعره.
- توفير المساحة الكافية للطفل للتعبير عن مشاعره والتكلم عن كل الأفكار التي تدور في رأسه بدون الضغط عليه.
- بث الأمل في روح الطفل والتحدث عن المستقبل والتخطيط له للتغلب على فكرة المصير السيء المجهول لدى الطفل.
- متابعة الحياة الطبيعية لدى الطفل وممارسة النشاطات اليومية بدون انقطاع.
- تعزيز التواصل الاجتماعي لدى الطفل وإبعاده عن الأخبار السلبية والمشاهد المؤلمة قدر الإمكان.
- ممارسة التمارين الرياضية كالجري وغيرها، حيث تخفف بشكل كبير من توتر الطفل وتخلصه من الطاقة السلبية.
- منح الطفل الراحة والاسترخاء الكافيين لإخراجه من حالة الحرب والألم وعدم تحميلهم فوق طاقتهم.
كيف أشرح لطفلي عن الحرب؟
نحتاج في الوقت الحالي إلى توضيح مفهوم الحرب وشرح معناه للأطفال بشكل مبسط ومناسب لأعمارهم بهدف التخلص من الخوف والتوتر الداخلي لديهم، وذلك مع الانتباه إلى عدم التعمق في شرح أشكال العنف والقتل للحفاظ على الاستقرار النفسي لدى الطفل قدر الإمكان، وهذا يتم بمجموعة خطوات نختصرها بما يلي:
1- محاولة اكتشاف معلومات الطفل عن الحرب:
إذ يحتاج التعامل مع الأطفال في ظل الحروب والصراعات إلى مناقشتهم وتوضيح مفهوم الحرب لديهم، وفي البداية علينا محاولة اكتشاف ما يعرفه الطفل عن الحرب والأفكار التي وصلته لتصحيحها وتوضيحها له بشكل أبسط وأقل خوف.
2- اختيار وقت مناسب للحديث عن الحرب:
يُفضل التحدث مع الطفل عن الحرب في النهار مع ممارسة نشاط معين يريح الطفل، كالمشي أو التجول بالسيارة وغيرها من الأنشطة التي تعطي الطفل شعور بالراحة والأمان، وتجنب ذلك ليلاً قبل النوم.
3- التحلي بالهدوء عند التحدث عن الحرب:
يستمد الطفل مشاعره وأفعاله بشكل مباشر من أهله، ولهذا يجب الانتباه قدر الإمكان إلى ضرورة إيصال الأفكار بطريقة صحيحة وهدوء تام والتحكم بردود الأفعال.
4- شرح أخبار الحرب بما يناسب عمر الطفل:
تختلف دائرة التحدث عن الحرب مع الأطفال حسب العمر، فتتوسع كلما تقدم الطفل في العمر حتى يصل لمرحلة الوعي التام عند بلوغ سن المراهقة.
5- الإجابة عن أسئلة الطفل المتكررة حول الحرب:
ينبغي على الأهل التحلي بالصبر واستيعاب الطفل وأسئلته المتكررة قدر الإمكان، ولا ننسى الحرص على التزام الصدق والهدوء.
6- مراقبة الطفل أثناء الحديث عن الحرب:
تنفعل بعض الأطفال عند التحدث عن الحرب مع أهلهم وتظهر عليها مشاعر القلق والخوف، وهنا يجب التوقف عن الاستمرار بالحديث ومتابعته في وقت لاحق.
7- طمأنة الطفل بصورة مستمرة:
يتعرض الطفل للكثير من المواقف والأخبار من الوسط المحيط والتي تجعله في خوف وقلق شديد من الحرب، ولهذا يجب الانتباه إلى تصرفاته وتخفيف القلق بعناقه ومنحه شعور الأمان والاستقرار.
8- التحدث مع الأطفال عن السلام:
يعتبر إخبار الطفل بوجود مجموعة من الأشخاص التي تساعد المحتاجين وتوفر لهم الأمن والاستقرار في تعزيز شعور الأمان لديه وتشجيعه على المشاركة معهم في تقديم المساعدة لكل متضرر.
9- الحد من التعرض لأخبار الحرب:
يجب الحرص قدر الإمكان على إبعاد أخبار الحزن والقتل عن الأطفال ولا سيما الصغار منهم، مع إرشاد الكبار على متابعة المصادر الموثوقة فقط وتجنب الأخبار المضللة.
بذلك نكون قد قدمنا طريقة التعامل مع الأطفال في ظل الحروب والصراعات بشكل صحيح وإخراج الطفل من الحالة النفسية السيئة التي تخلفها الحروب، مع توضيح طريقة شرح معنى الحرب للطفل بدون أن تثير لديه الرعب والخوف بشكل يناسب عمره ويساعده على تعزيز شعور الأمان والاستقرار بداخله.